العفـــــــــو
إن اسم الله العفو لا يقترن بأي اسم آخر من أسمائه الحسنى لأنه يجمع بين عدة أسماء من أسمائه و يختصرها في اسم وحيد وهو العفو و قد كان الرسول صلى الله عليه و سلم يوصي السيدة عائشة رضي الله عنها أن تلزم ذكره خاصة إن أدركت الأيام الأواخر من شهر رمضان و أن تقول : { اللهـــم إنـك عفو كريـم تحب العفو فاعفو عني } و ذلك لأن اسم الله العفو يعني أن الصحيفة ’تمزق و ’تمسح و لا ’تستر مثل الغفور أي أن العفو أبلغ من العفور لأن السيئات ’تمحى و ’ينسي الله ملائكة الشمال فيها فلا تتذكرها كما ’ينسي جلدك و عيونك و جسدك و كل من شهد ذنبك فلا يتذكروها و عندما تموت و’تبعث من القبر يوم القيامة يأتي الله لك بذاكرة جديدة فيها كل ما فعلت إلاّ ما عفا عنك الله فهذا فرقه باسم الله الغفور أين يقول الله لعبده { أدن عبدي فيرخي عليه ستره فيقول له الله : أتتذكر ذنبك هذا و ذاك فيقول العبد نعم يا رب و يظن أنه هالك ،فيقول الله سترتها عليك في الدنيا و أغفرها لك اليوم } أي قد يغفر لك الله دون أن يرضى عنك أما اسم الله العفو فإن الله يقول لعبده :{يا فلان إني راض عنك لما فعلت في الدنيا ، قد رضيت عنك و عفوت عنك اذهب فادخل جنتي تمنى يا عبدي و اشتهي فاني قد عفوت عنك ، فلن تتمنى اليوم شيئا إلا أعطيتك اياه } ، و ’يمكن أن يعفو الله عنك و يرضى عليك دون أن يغفر لك فالعفو تشمل التخلية من الذنوب ثم التحلية و التعطير فأوّلها محو السيئات ثم الرضا عليك و بعدها ’يعطيك ما تسأل ،تأمل فقط هبوب الرياح بالصحراء فعظمة هبوبها يجعلها تمحو كل الأثار من ورائها و تعفوها و تأمل حركة الأمواج على الرمال في الشط تزيل كل اثار الأقدام و تعفوها فهل أدركت الأن عظمة عفو الله على العباد و هو من يحرك هاته الرياح و هاته الأمواج ، أليس هو الأعظم ؟ أنظر و تمعن ما أعظم عفوه .. ! يعفو عنا دون أن يذكرنا حتى ما اقترفناه من ذنوب .. كيف لا نستحي منه إذن و نحن نعصيه و هو يستحي منا أن يذكرنا بمعاصينا قبل أن يستحي من تعذبنا ؟
و يقول الفضيل بن عياض أحد التابعين أنه في يوم عرفة وقف يدعو ربه و يقول : يارب أعف عني ، اعف عني ، فلما غربت الشمس بكى والأصل أن يحسن الظن بالله و يستبشره ، فسألوه ألست من تعلمنا حسن الظن بالله ؟ فقال { لست أبكي لذلك و لكن واخجلاه ! و حيائي منه و إن عفا !}
غير أنه إن أكثر العبد من الذنوب صعب عليه أمر الرجوع إلى الله لأن كثرة الذنوب تجعله يستحي منه فتخلق بينه و بين ربه فجوة فيصير يستحي أن يطلب المغفرة و العفو منه إلاّ أنّ الله إن كان ’يحبه يكسره لهذا جعل ليلة القدر ليستعفو العبد ربه و بالتالي يقودك عفوه إلى اسم الله التواب ليتوب عنك فحتى الله سبحانه و تعالى يطلب من عبده أن يستعفوه ليعفو عنه فيقول له : < يا ابن آدم خلقتك بيديّ وربيتك برحمتي وأنت تخالفني وتعصاني، فإن عدتَ إليّ قبلتك، فمن أين تجد لك رباً مثلي وأنا الغفور الرحيم؟! ابن آدم خلقتك من العدم إلى الوجود وأوجدت لك السمع والبصر والقلب والفؤاد، أذكرك وأنت تنساني، أستحي منك ولا تستحي مني، من ذا الذي يقرع بابي فلا أفتح له؟ ومن ذا الذي يسألني فلا أعطيه؟ أبخيل أنا فيبخل عليّ عبدي؟>
لقد خص الله أمة حبيبه محمد صلى الله عليه و سلم بعفوه و يقول أعرابي في ذلك أنه أتى النبي صلى الله عليه و سلم فقال له : يا رسول الله، إني شديد الذنوب، أرأيتَ إن تبتُ إلى الله الليلة يعفو عني؟ فقال له النبي: نعم، فقال: يا رسول الله، وغدراتي وفجراتي؟ قال: يعفو عنك، وغدراتك وفجراتك، فمضى الرجل وهو يقول: الله أكبر! الذي يعفو عن الغدرات والفجرات). ما أعظم عفوك يارب
و يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( رجلان من أمتي جثيا تحت العرش يوم القيامة، فقال المظلوم: يا رب، خذ لي مظلمتي من أخي، فيقول الله لمن ظلم: أعطِ أخاك مظلمته، فيقول: كيف يا رب؟ فيقول: أعطه من حسناتك، فيقول: يا رب فنيَت حسناتي! فيقول الله للمظلوم: فنيت حسناته، فيقول: يا رب فخُذ من سيئاتي فاطرحها عليه، فيقول الله للمظلوم: هل لك في خير من ذلك؟ فيقول: وما خير من ذلك يا رب؟ فيقول له الله: انظر إلى ذلك القصر، فينظر فإذا قصر في الجنة لم ير مثله، فيقول يا رب لمن هذا القصر؟! لأي نبي هذا؟ لأي شهيد هذا؟ فيقول له الله: لمن يملك الثمن! فيقول: يا رب ومن يملك هذا الثمن؟ فيقول له الله: أنت تملكه، فيقول: كيف يا رب؟ فيقول: بعفوك عن أخيك، فيقول: عفوت يا رب عفوت يا رب، فيقول العفو: خذ بيد أخيك فادخلا الجنة سوياً).. أهذا هو إلهنا؟! خالقنا؟ أيحب العفو بين العباد هكذا؟ أهذا ما يأمرنا به؟ هل عندك استعداد للعفو؟ هل يمكنك أن تعفو على من أذوك و أذلوك و ظلموك ؟
فلنتعلم العفو و لننتقل من صيغة الكلام إلى صيغة الاقبال ، و لنرتقي من منزلة اللسان إلى منزلة الوجدان ، فلنعفو عن الناس حتى يمدنا الله بعفوه ، هيا فلنحلي ألسنتنا باسم الله العفو:" فاللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعفوا عنا "
إن اسم الله العفو لا يقترن بأي اسم آخر من أسمائه الحسنى لأنه يجمع بين عدة أسماء من أسمائه و يختصرها في اسم وحيد وهو العفو و قد كان الرسول صلى الله عليه و سلم يوصي السيدة عائشة رضي الله عنها أن تلزم ذكره خاصة إن أدركت الأيام الأواخر من شهر رمضان و أن تقول : { اللهـــم إنـك عفو كريـم تحب العفو فاعفو عني } و ذلك لأن اسم الله العفو يعني أن الصحيفة ’تمزق و ’تمسح و لا ’تستر مثل الغفور أي أن العفو أبلغ من العفور لأن السيئات ’تمحى و ’ينسي الله ملائكة الشمال فيها فلا تتذكرها كما ’ينسي جلدك و عيونك و جسدك و كل من شهد ذنبك فلا يتذكروها و عندما تموت و’تبعث من القبر يوم القيامة يأتي الله لك بذاكرة جديدة فيها كل ما فعلت إلاّ ما عفا عنك الله فهذا فرقه باسم الله الغفور أين يقول الله لعبده { أدن عبدي فيرخي عليه ستره فيقول له الله : أتتذكر ذنبك هذا و ذاك فيقول العبد نعم يا رب و يظن أنه هالك ،فيقول الله سترتها عليك في الدنيا و أغفرها لك اليوم } أي قد يغفر لك الله دون أن يرضى عنك أما اسم الله العفو فإن الله يقول لعبده :{يا فلان إني راض عنك لما فعلت في الدنيا ، قد رضيت عنك و عفوت عنك اذهب فادخل جنتي تمنى يا عبدي و اشتهي فاني قد عفوت عنك ، فلن تتمنى اليوم شيئا إلا أعطيتك اياه } ، و ’يمكن أن يعفو الله عنك و يرضى عليك دون أن يغفر لك فالعفو تشمل التخلية من الذنوب ثم التحلية و التعطير فأوّلها محو السيئات ثم الرضا عليك و بعدها ’يعطيك ما تسأل ،تأمل فقط هبوب الرياح بالصحراء فعظمة هبوبها يجعلها تمحو كل الأثار من ورائها و تعفوها و تأمل حركة الأمواج على الرمال في الشط تزيل كل اثار الأقدام و تعفوها فهل أدركت الأن عظمة عفو الله على العباد و هو من يحرك هاته الرياح و هاته الأمواج ، أليس هو الأعظم ؟ أنظر و تمعن ما أعظم عفوه .. ! يعفو عنا دون أن يذكرنا حتى ما اقترفناه من ذنوب .. كيف لا نستحي منه إذن و نحن نعصيه و هو يستحي منا أن يذكرنا بمعاصينا قبل أن يستحي من تعذبنا ؟
و يقول الفضيل بن عياض أحد التابعين أنه في يوم عرفة وقف يدعو ربه و يقول : يارب أعف عني ، اعف عني ، فلما غربت الشمس بكى والأصل أن يحسن الظن بالله و يستبشره ، فسألوه ألست من تعلمنا حسن الظن بالله ؟ فقال { لست أبكي لذلك و لكن واخجلاه ! و حيائي منه و إن عفا !}
غير أنه إن أكثر العبد من الذنوب صعب عليه أمر الرجوع إلى الله لأن كثرة الذنوب تجعله يستحي منه فتخلق بينه و بين ربه فجوة فيصير يستحي أن يطلب المغفرة و العفو منه إلاّ أنّ الله إن كان ’يحبه يكسره لهذا جعل ليلة القدر ليستعفو العبد ربه و بالتالي يقودك عفوه إلى اسم الله التواب ليتوب عنك فحتى الله سبحانه و تعالى يطلب من عبده أن يستعفوه ليعفو عنه فيقول له : < يا ابن آدم خلقتك بيديّ وربيتك برحمتي وأنت تخالفني وتعصاني، فإن عدتَ إليّ قبلتك، فمن أين تجد لك رباً مثلي وأنا الغفور الرحيم؟! ابن آدم خلقتك من العدم إلى الوجود وأوجدت لك السمع والبصر والقلب والفؤاد، أذكرك وأنت تنساني، أستحي منك ولا تستحي مني، من ذا الذي يقرع بابي فلا أفتح له؟ ومن ذا الذي يسألني فلا أعطيه؟ أبخيل أنا فيبخل عليّ عبدي؟>
لقد خص الله أمة حبيبه محمد صلى الله عليه و سلم بعفوه و يقول أعرابي في ذلك أنه أتى النبي صلى الله عليه و سلم فقال له : يا رسول الله، إني شديد الذنوب، أرأيتَ إن تبتُ إلى الله الليلة يعفو عني؟ فقال له النبي: نعم، فقال: يا رسول الله، وغدراتي وفجراتي؟ قال: يعفو عنك، وغدراتك وفجراتك، فمضى الرجل وهو يقول: الله أكبر! الذي يعفو عن الغدرات والفجرات). ما أعظم عفوك يارب
و يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( رجلان من أمتي جثيا تحت العرش يوم القيامة، فقال المظلوم: يا رب، خذ لي مظلمتي من أخي، فيقول الله لمن ظلم: أعطِ أخاك مظلمته، فيقول: كيف يا رب؟ فيقول: أعطه من حسناتك، فيقول: يا رب فنيَت حسناتي! فيقول الله للمظلوم: فنيت حسناته، فيقول: يا رب فخُذ من سيئاتي فاطرحها عليه، فيقول الله للمظلوم: هل لك في خير من ذلك؟ فيقول: وما خير من ذلك يا رب؟ فيقول له الله: انظر إلى ذلك القصر، فينظر فإذا قصر في الجنة لم ير مثله، فيقول يا رب لمن هذا القصر؟! لأي نبي هذا؟ لأي شهيد هذا؟ فيقول له الله: لمن يملك الثمن! فيقول: يا رب ومن يملك هذا الثمن؟ فيقول له الله: أنت تملكه، فيقول: كيف يا رب؟ فيقول: بعفوك عن أخيك، فيقول: عفوت يا رب عفوت يا رب، فيقول العفو: خذ بيد أخيك فادخلا الجنة سوياً).. أهذا هو إلهنا؟! خالقنا؟ أيحب العفو بين العباد هكذا؟ أهذا ما يأمرنا به؟ هل عندك استعداد للعفو؟ هل يمكنك أن تعفو على من أذوك و أذلوك و ظلموك ؟
فلنتعلم العفو و لننتقل من صيغة الكلام إلى صيغة الاقبال ، و لنرتقي من منزلة اللسان إلى منزلة الوجدان ، فلنعفو عن الناس حتى يمدنا الله بعفوه ، هيا فلنحلي ألسنتنا باسم الله العفو:" فاللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعفوا عنا "
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق